رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العمل بهدوء ونفوذ إقليمى قوى.. سر نجاح دبلوماسية مصر فى حرب غزة

المساعدات المصرية
المساعدات المصرية لغزة

على مدار أكثر من 200 يوم من الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، برزت مصر كقوة دبلوماسية لا مثيل لها، حيث أدارت في بداية الصراع قضية المساعدات الإنسانية وعملت مع جميعً الأطراف الدولية الفعالة من أجل الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، ثم تجاوز دورها فكرة الحدود المشتركة مع قطاع غزة وعادت لدورها التقليدي كوسيط رئيسي لإنهاء الصراعات في غزة، وأصبحت محط أنظار العالم، حيث استقبلت العشرات من قادة ورؤساء حكومات الكثير من الدول لبحث الأزمة.

مصر قوة دبلوماسية كبرى في الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة

وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، نجحت مصر في استعادة دورها كقوة كبرى في الدبلوماسية العربية والإقليمية، بعد قيادتها عدة جولات من المفاوضات بين حماس وإسرائيل، فضلًا عن استضافتها قمة دولية بعد أيام من اشتعال الحرب ضمت رؤساء الحكومات الأوروبية والقادة العرب، تحت اسم "قمة السلام"، وكان هدفها وقف التصعيد الإسرائيلي في غزة.

وتابعت أن العاصمة الإدارية الجديدة شهدت عقد القمة، بحضور 30 ممثلًا عن الدول والمنظمات الدولية، وكان من بينهم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد ورئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل، ورئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، وجورجيا ميلوني. رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. 

وأضافت أن مصر جهزت لهذه القمة بعد أيام قليلة من اشتعال الحرب في 7 أكتوبر، حيث أدان الرئيس عبدالفتاح السيسي مرارًا "العقاب الجماعي" المفروض على سكان القطاع، خصوصًا مع حجم الدمار غير المسبوق على القطاع.

وأشارت الصحيفة إلى أن الدبلوماسية المصرية سعت على مدار الأشهر الماضية لوقف الحرب في غزة، الأمر الذي لا يزال بعيد المنال بعض الشىء.

الجميع يتودد إلى مصر.. حرب غزة تكشف القوة الدبلوماسية الحقيقية للقاهرة

وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، سلطت الحرب الإسرائيلية على غزة الضوء على دور مصر كقوة إقليمية، وهو ما قد يكسبها دعمًا غربيًا غير مسبوق، ففي ظل امتلاكها أوراق ضغط على إسرائيل والحدود مع غزة، فإن موقف مصر يتشكل كمفتاح لمصير أكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة بسبب تدفق مستمر للمساعدات لسكان القطاع المحاصر بعد أن قطعت إسرائيل الإمدادات الحيوية.

وأضافت الوكالة الأمريكية، أنه بالرغم من رفض مصر جميع المطالب الإسرائيلية لإيواء 2 مليون فلسطيني في سيناء، فقد قادت مصر عدة جولات من المفاوضات لإنهاء الحرب، ومارست جميع الضغوط من أجل السماح بدخول مئات الشاحنات التي تحمل آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية للقطاع المحاصر.

وأشارت إلى أن موجة الدبلوماسية الأخيرة التي تركزت في القاهرة كانت بمثابة عودة إلى دور مصر التقليدي الذي برز في كل نقاش حول سياسات القوة في جميع أنحاء المنطقة في النصف الأخير من القرن العشرين.

مصر محورية في الحرب.. محاولات متعددة لوقف إطلاق النار وقيادة العالم لإنقاذ غزة

كذلك أكد موقع "VOX" الأمريكي، أنه في ظل قصف إسرائيل معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني عدة مرات لمنع دخول المساعدات في الأيام الأولى للحرب، ضغطت مصر بجانب الولايات المتحدة وقطر بكل قوة من أجل إدخال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها.

وتابع أنه منذ اللحظة الأولى للحرب حافظت مصر على معبرها مفتوحًا أمام المساعدات الإنسانية وإجلاء الأجانب والموظفين الحقوقيين ونقل المصابين والحالات الخطر إلى مستشفيات مصر.

وأضاف أنه منذ بدء الحرب وكانت مصر محورية في القضية، حيث برزت كقوة دبلوماسية كبرى حاولت عدة مرات إيقاف الحرب، ورفضت تهجير الفلسطينيين إلى سيناء لتمنع تكرار النكبة مرة أخرى، وقادت المحاولات الدولية لإدخال المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة.

بعد نجاحها الدبلوماسي.. أنظار العالم تتجه إلى مصر في حرب غزة

بينما أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أنه في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فإن الأضواء الدبلوماسية في العالم تتحول نحو مصر، التي لديها نفوذ قوي على طرفي الأزمة، لتصبح مصر لاعبًا أساسيًا في الاستجابة الدولية للحرب.

وتابعت أن الأزمة كشفت مدى قوة النفوذ المصري على كل من حماس وإسرائيل، كما أنها كشفت أيضًا نجاح مصر في طرح العديد من المقترحات لوقف هذه الحرب، وإيجاد حل جذري لإيقافها، كما قادت شريان الحياة الوحيد لقطاع غزة بنجاح كبير، وهو معبر رفح الذي أبقته مفتوحًا طيلة الحرب.

وأضافت أنه خلال الحرب أدركت الإدارة الأمريكية أنها لا يمكن إنهاء هذه الحرب بدون مصر، حيث يعد استمرار الحرب بهذا الشكل أمرًا غير مرغوب فيه بالنسبة للجميع.

دور مصر في حرب غزة الأكثر مركزية وقوة على طاولة المفاوضات

في حين أكد، مركز The Soufan Center (TSC)، أن نفوذ مصر الإقليمي سيطر على الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، فبسبب موقعها الجغرافي ومكانتها الإقليمية وقوتها تعد مصر من أكثر دول المنطقة تأثيرًا وقوة.

وتابع أنه فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تعد مصر دولة محورية أساسية لحل أي أزمة، وهو ما ظهر بقوة خلال حرب غزة.

وأضاف أن مصر نجحت في إحداث التوازن بين التفاوض مع إسرائيل لوقف الحرب وبين دعم المدنيين في قطاع غزة، وعملت بقوة مع جميع الأطراف الدولية لإدخال المساعدات الإنسانية اللازمة للقطاع وقادت عدة جولات من المفاوضات لإيقاف الحرب.

وأشار إلى أنه بعد مرور أكثر من 6 أشهر على الحرب، أصبح دور مصر أكثر مركزية على طاولة المفاوضات، ولم يعد يقتصر على المساعدات الإنسانية فقط، بل أصبحت القوة الدبلوماسية التي لها اليد العليا في قيادة المفاوضات وخصوصًا فيما يتعلق بالمحتجزين.

مصر ترفض الحرب الإسرائيلية على غزة منذ اليوم الأول

فيما أكد تقرير لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي "CFR" أن مصر كان لها رد قوي على الحرب الإسرائيلية في غزة، حيث رفضت الحرب والعقاب الجماعي للرد على عملية طوفان الأقصى، وحملت إسرائيل المسئولية الكاملة وراء اشتعال الأوضاع في غزة والضفة الغربية بسبب الاستيطان والعنف والحصار، سواء في غزة أو الضفة الغربية.

وأضاف أن الرئيس عبدالفتاح السيسي اعتبر الحرب بمثابة العقاب الجماعي ضد أهالي قطاع غزة، وأن هذه الحرب تجاوزت فكرة الرد على عملية طوفان الأقصى.

وأشار إلى أن مصر أدارت الصراع بنجاح كبير، حيث أفسدت مخططات إسرائيل لتفريغ قطاع غزة من سكانه وتهجيرهم إلى سيناء وأصرت القاهرة على استمرار دعم غزة وقيادة محاولات إيقاف الحرب.

دور مصرى لا غنى عنه فى غزة يتجاوز فكرة الحدود المشتركة

بينما أكدت شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية، أن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن اعترفت رسميًا وصراحة بقوة مصر كلاعب إقليمي بارز لا غنى عنه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وتابعت أن دور مصر في البداية كان يركز على ضرورة نقل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، وبالفعل استقبلت مصر مساعدات ضخمة من معظم دول العالم، فضلًا عن توفيرها مساعدات غذائية وطبية محلية ضخمة، وعملت بقوة من أجل إدخال أكبر عدد ممكن من شاحنات المساعدات للقطاع.

وأضافت أنه مع مرور الوقت، تجاوز الدور المصري فكرة الحدود المشتركة مع قطاع غزة، وأصبحت الوسيط الرئيسي في جميع مفاوضات الهدنة، مستغلة امتلاكها نفوذ وأوراق ضغط على إسرائيل وحماس.

نشاط غير عادي.. مصر تتطلع لإنهاء حرب غزة 

وأكدت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، أن مصر لعبت دورًا نشطًا في التفاوض على وصول المساعدات إلى سكان غزة عبر معبر رفح، الذي تتقاسمه مع غزة، وكذلك في المفاوضات الخاصة بإطلاق سراح المحتجزين، مع عملها لإيقاف الحرب نهائيًا.

وتابعت أن مصر أرسلت عدة رسائل لإسرائيل والدول الغربية، مؤكدة من خلالها أن استمرار الحرب ستكون له عواقب وخيمة على الجميع.

العمل بهدوء والقوة الدبلوماسية وراء نجاح الدور المصري في القضايا الفلسطينية

بينما أكدت مجلة "مودرن دبلوماسي"، أن دور مصر في حرب غزة ليس بالجديد، حيث تولت مصر العديد من الملفات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأدارتها بنجاح كبير مثل ملف تبادل الأسرى والحفاظ على الهدوء في قطاع غزة بعد أن أخمدت نيران الحرب في العديد من الصراعات السابقة لعل أبرزها ما حدث في عام 2014، بالإضافة إلى ملف المصالحة الفلسطينية.

وأضافت أن مصر تعمل دائمًا بقوة في ملف القضية الفلسطينية بهدوء بعيدًا عن أعين الإعلام، من منطلق حرص الدولة المصرية على إنجاح أي تحركات تتعلق بالملف الفلسطيني، بعيدًا عن المقامرة والمزايدة، والتأكيد على الحقوق المشروعة للفلسطينيين، الأمر الذي منح مصر نفوذًا إقليميًا غير مسبوق، وجعلها الأفضل بين الفلسطينيين ودفعهم إلى تأكيد تمسكهم بالدور المصري في أي من الملفات المتعلقة بحقوق الفلسطينيين.

وتابعت أن القيادة المصرية تعمل بشكل حثيث وكبير بالتعاون مع القوى الإقليمية والدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكدة أهمية تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والتأكيد على مبدأ الاثنين- حل الدولة لتنعم المنطقة بالسلام والاستقرار بعيدًا عن الخيارات العسكرية القاسية.

وأضافت أنه تم رسم الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية على مدى العقود الماضية، من خلال الدور المصري في دعم الفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للفلسطينيين على مدى عدة سنوات، بالإضافة إلى الدور المصري الهام في دعم المفاوضات التي دخل فيها الفلسطينيون في المحافل الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التنسيق لحل الخلاف الفلسطيني المشترك المستمر منذ عقود حول عدد من النقاط المتعلقة بالحقوق المشروعة للفلسطينيين.

وأشارت إلى جهود مصر خلال عام 2021 في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن مبادرة تقدر بـ500 مليون دولار، للمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة من خلال الشركات المصرية.

وأضافت أنه على المستوى السياسي والدبلوماسي، كثفت مصر جهودها واتصالاتها مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار في غزة، والبناء على ذلك من خلال تفعيل المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والدفع نحو إطلاق مبادرة سياسية.